الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.دولة الترك الخبر عن دولة الترك في كاشغر وأعمال تركستان وما كان لهم من الملك في الملة الإسلامية بتلك البلاد وأولية أمرهم ومصاير أحوالهم. كان هؤلاء الترك ملوك تركستان ولا أدري أولية أمرهم بها إلا أن أول من أسلم منهم سبق قراخان وتسمى عبد الملك وكانت له تركستان وقاعدتها كاشغر وساغون وخيمو وما يتصل بها إلى أوان المفازة المتصلة بالصين في ناحية الشمال عنهم أعمال طراز والشاش وهي للترك أيضا إلا أن ملوك تركستان أعظم ملكا منهم بكثير وفي المغرب عنهم بلاد ما وراء النهر التي كان ملكها لبني سامان وكرسيهم بخارى ولما أسلم ملكهم عبد الكريم سبق أقام على ملكه بتلك الناحية وكان يطيع بني سامان هو وعقبه يستنفرونهم في حروبهم إلى أن ملك عهد الأمير نوح بن منصور في عشر التسعين والثلثمائة على حين اضطراب دولة بني سامان وانتقاض عمالهم بخراسان وانتقض أبو علي بن سيجور فراسل بقراخان وأطمعه في ملك بخارى فطمع بقراخان في البلاد ثم قصد أعمال بني سامان وملكها شيئا فشيئا وبعث الأمير نوح إليه العساكر مع قائده أنج فلقيهم بقراخان وهزمهم وأسر أنج وجماعة من القواد وسار فائق إلى قراخان واختص به وصار في جملته ورجع الأمير نوح إلى بخارى كما مر من قبل وهلك بقراخان في طريقه..وفاة بقراخان وملك أخيه ايلك خان سليمان. ولما ارتحل بقراخان من بخارى وهو على ما به من المرض أدركه الموت فى طريقه فمات سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وكان دينا عادلا حسن السيرة محبا للعلماء وأهل الدين مكرما لهم متشيعا سنيا وكان مواليا لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما مات ولي بعده أخوه ايلك خان سليمان ولقبه شهير الدولة واستوثق ملكه بتركستان وأعمالها ووفد عليه فائق بعد حروبه بخراسان مع جيوش الأمير نوح وسبكتكين وابنه محمود ولحق به مستصرخا فأكرمه ووعده وكتب إلى الأمير نوح يشفع في فائق وأن يوليه سمرقند فولاه عليها وأقام بها..استيلاء ايلك خان على ما وراء النهر. لما عاد بقراخان على بخارى وعاد إليها الأمير نوح وقد كان من أبي علي بن سيجور وإجلائه عن خراسان ما كان استدعى الأمير نوح مولاه سبكتكين بعد ذلك واختلف ابناه بكثرزون ومنصور كما تقدم ذلك سنة خمس وثمانين وأربعمائة ثم هلك سبكتكين كما تقدم ذلك كله قبل ثم استوحش بكثرزون من منصور واتفق مع فائق على خلعه فخلعه وسمله بخراسان سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكان فائق خصيا من موالي نوح بن منصور وهذه الأخبار كلها مستوفاة في دولة بني سامان ثم بلغ الخبر إلى أيلك خان فطمع في ملك بخارى وأعمالها وسار في جموع الترك إلى بخارى موريا بالمحامات عن عبد الملك والنصرة له وخرج بكثرزون والأمراء والقواد للقائه فقبض عليهم وسار فدخل بخارى عاشر ذي القعدة من سنة تسع وثمانين وأربعمائة ونزل دار الإمارة وظفر بعبد الملك فحبسه فانكدر حتى مات وحبس معه أخاه المخلوع أبا الحرث منصور وأخويه الآخرين إسماعيل ويوسف ابني نوح وأعمامه محمودا وداود وغيرهم وانقرضت دولة بني سامان والبقاء لله..ثورة إسمعيل إلى بخارى ورجوعه عنها. قد تقدم لنا أن إسمعيل فر من محبسه ولحق بخوارزم واجتمع إليه قوادهم وبايعوه ولقبوه المستنصر وبعث قائدا من أصحابه إلى بخارى ففر من كان بها من عساكر ايلك خان فهزمهم وقتل منهم وحبس وكان النائب بها جعفر تكين أخي ايلك خان فحبسه واتبع المنهزمين إلى سمرقند ولحق إسمعيل بأحياء الغز وجاء ايلك خان في جيوشه والتقوا فانهزم ايلك خان وأسروا قواده وغنموا سواده ورجعوا إلى بلادهم وتشاوروا في الأسرى فارتاب بهم إسماعيل وعبر النهر وانضمت إليه فتيان سمرقند واتصل الخبر بايلك خان فجمع والتقى هو واسمعيل وهزمه بنواحي أسروشنة وعبر النهر إلى نواحي الجوزجان ثم إلى مرو وبعث محمود العساكر في أثره من خراسان وكذلك قابوس من جرجان فعاد إلى ما وراء النهر وقد ضجر أصحابه ونزل بحي من العرب فأمهلوه الليل وقتلوه واستقرت بخارى في ملك إيلك خان وولي عليها أخوه علي تكين..عبور ايلك خان إلى خراسان. قد تقدم لنا ما كان انعقد بين ايلك خان ومحمود من المواصلة ثم دبت عقارب السعاية بينهما وأكثر محمود من غزو بلاد الهند ولما سار إلى الملتان اغتنم ايلك خان الفرصة في خراسان وبعث سباسي تكين صاحب جيشه وأخاه جعفر تكين إلى بلخ في عدة من الأمراء وأرسلان الحاجب فسار أرسلان إلى غزنة وملك سباسي هراة وأقام بها وبعث إلى نيسابور عسكرا فاستولى عليها وبادر محمود بالرجوع من الهند وفرق العطايا وأزاح العلل واستنفر الأتراك الخلنجية وسار إلى جعفر تكين ببلخ ففارقها إلى ترمذ وبعث العساكر إلى سباسي جهراة ففارقها إلى مرو ليعبر النهر فاعترضه التركمان فأوقع بهم وسار إلى أبيورد والعساكر في اتباعه ثم سار إلى خراسان فاعتضره محمود وهزمه وأسر أخاه وجماعة من قواده وعبر النهر إلى ايلك وأجلى عساكره وأصحابه عن خراسان فبعث ايلك خان إلى قراخان ملك الختل فاستنفر الترك الغزية والخلنجية والهنود وعسكر على فرسخين من بلخ وتقدم ايلك وقراخان في عساكرهما ونزلوا قبالته واقتتلوا يوما إلى الليل ومن الغد اشتدت الحرب ونزل الصبر ثم حمل محمود في الفيلة على ايلك خان في القلب فاختل المصاف وانهزم الترك واتبعهم عساكر محمود وأثخنوا فيهم القتل والأسر إلى أن عبر النهر وانقلب ظافرا غانما وذلك سنة سبع وتسعين وثلثمائة.
|